السبت، 3 مارس 2012

شبح علياء المهدي يعود من جديد !

عاد اسم علياء المهدي مجددًا إلى مواقع التواصل الاجتماعي او كما نسميها بالمجتمع الافتراضي، ليصبح الأكثر جدلًا خلال السويعات القليلة الماضية، عادت علياء برمزها من جديد، بهذا الجسد الذي أثار المهتمين بالشأن السياسي والاجتماعي، لم يثر جسد علياء العاري هؤلاء جنسيًا، قدر ما أثار فضولهم و إزدواجيتهم، قدر ما أثار الذهول حد الرفض المطلق، وبقدر ما أثار رغبتهم في طمس الأنثى العورة.
لن يأخذني الحديث عما فعلته علياء منذ شهور، ولن أتحدث عن المرآة الفاضحة التي وضعتها في أعينهم جميعًا، فرأوا قبح ما يعتنقون من أفكار لا تمس المنطق أو الدين في شئ، ثم أداروا وجوههم بسرعة البرق وتفوح من ألسنتهم روائح الكلمات القذرة اللاتي تفوهوا بها، لن أسترسل أيضًا في شرح منطق الحُرية المطلقة التي لا تؤذي الآخرين، وأن كل شخص قرر بإرادته الحُرة أن يشاهد ما ترفضه قيمه ومبادئه مسئول عما يراه، وليست مسئولية الآخرين أنك تتنازل عن مبادئك مقابل لحظة .. فضول، لن أسترسل أيضًا في شرح ماهية الحُرية التي منحها الله للإنسان، ولن أستفيض في الاستدلال على أن سقف الحُرية في الدين غير موجود، ولن أُذكِّر أحدًا بالجنة والنار وقصة الإرادة الحُرة للإنسان منذ خلق آدم وحتى يومنا هذا.
سأتكلم عما قرأته فشعُرت أننا ندور داخل دائرة مُغلقة، سأتحدث عمّن يربطون جسد علياء بالسياسة في مصر وبخاصة أن علياء محسوبة على التيارين الليبرالي والعلماني وهم أكثر التيارات المكروهة، لتزداد الساحة السياسية إشتعالًا بين التيارات اليمينية والتيارات الآخرى، وفي الحقيقة أن حتى هذه التيارات الآخرى تتبرأ من علياء المهدي لينفوا عن أنفسهم الدعوة للعُري، متناسون جميعًا أن علياء لا تُمثل أي تيار، ولا تنتمي إلى طبقة النشطاء السياسيون، وأن علياء نفسها خارج مصر الآن.
لم تقم علياء المهدي بتأسيس حركة (علياوات) والتي تدعو الفتيات إلى التحرر من الملابس، فعلياء هي فرد واحد، يُعبر عن نفسه فقط ويُمثل نفسه أيضًا فقط.
ومن منظور آخر فإن هناك فتيات يقومنّ بإرتداء كامل ملابسهنّ ولا يظهر منهنّ غير أعينهنّ واللاتي قد يقمنّ أيضًا بتغطيتها وهنّ في ذلك "حرائر"، وهناك من تُعامل جسدها المعاملة الوسطية، لا تظهر ولا تُخفي وهي في ذلك "حُرة"، وهناك فتاة لا ترى أن جسدها عورة أو يحتوى على ما هو عورة، فهي ترى شعرها كأذنها كعضوها التناسلي، جميعهم سواء في المعاملة وجميعهم يمثلون جسدها، فإن كانت تظهر الشعر فلماذا لا تظهر الأذن ثم باقي الجسد؟! يتعامل الجسد هُنا معاملة واحدة غير قابلة للتجزئة، "أنا هذا الجسد وهذا الجسد هو أنا"
،وهي في ذلك كالباقيات : "حُرَّة".
لن نُعطي الحُرية لمَن يتفقن وأفكارنا ونسلبها من الاخريات، فالحُرية لا تتجزأ ولا يتم توزيعها وفقًا لما نعتنقه من أفكار، الحُرية للجميع وإن كانوا يتصرفون عكس ما نتصرف، لنا الحق في الاستمرار فيم نعتنقه كما للآخرين الحق في الاستمرار فيم يعتنقونه، ولن تتم محاسبة شخص على ما قام به شخصٌ آخر، فجسد علياء المهدي يخصها وحدها، ولا يخص التيارات السياسية منها أو الدينية.
ابتسمت عندما رأيت صورة علياء يرفرف ورائها علم مصر وهي عارية إلا من شرائط سوداء وضعها الناشر على نهديها وعضوها التناسلي، ولي سؤال استنكاري بغرض ليس بالبرئ، إن كانت مبادئك تمنعك من نشر صورة أنثى لا ترتدي ملابس فلماذا نظرت في البداية بل وعزمت على التصوير او حتى النشر ؟!
إن كانت هذه الأنثى نفسها خرجت وهي لا تضع شرائط سوداء على جسدها فلماذا وضعتها أنت بالنيابة عنها؟ ألا ترى أنك فعلت ما يفعله شخص في صورة شخص آخر دون إستئذان ؟ أفضل منه أن تترك لكل شخص حُرية التصرف في الشكل الذي يريد أن يظهر به وأن تترك الحُرية للشخص الذي سيشاهد ولا تضع نفسك رقيبًا، فالخالق حين خلقك ،خلق معك ما يغضبه وتركك حُر في إختيارك ، كان بإمكانه أن يمنعه حتى لا تفسد أنت ولكنه أراد أن يراك تطيعه أو تعصيه، قام بإحترامك وبإحترام عقلك وإختيارك، فلستَ أرقى من الله ولكَ في الأفضل والأبقى مِنك عِبرة.
وفي النهاية لم تتعرَ علياء من أجلك أو من أجلي ، فقد تجردت من ملابسها لنفسها ولإقتناعها بما تفعله، وتذكّر جيدًا أن علياء فتاة تجردت من الملابس بإرادتها بينما يملأ الفقراء شوارعنا وهم عرايا رغمًا عنهم،
فإن كانت علياء المهدي عارية الجسد فلا تنسَ أن مجتمعنا الفاضل هو مجتمع عاري العقل.


غدير أحمد
12/21/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق