الخميس، 30 أكتوبر 2014

حمالة صدر .


كنتُ أتأمل حياتي في لحظة لم أشعر بها إلا بثقل ما أحمله من هموم مضت ولم يمضِ منها سوى الحدث لتبقى الذكرى حيّة تأبى الرحيل.
استرجعت بعضًا من الأحداث التي نقلتني من الطفولة للصبى ثم الشباب، فاستوقفتني تلك اللحظة التي شعرت بها لأول مرة بأنوثتي، والتي خالطها بعض الحياء ثم الخجل اللذان تحولا فيمَّ بعد إلى شعور بالخزي من جسدي.
هذا النتوء الذي نشب مؤخرًا ليُعلن عن نضوج الأنثى، تلك الإستدارة التي أخفيتها مرارًا، تارة بالفِضفاض واخرى بكتبي المدرسية، لم أنسَ يومًا كم وقفت أمام المرآة لأتأكد أن ثدياي تم إخفائهما بإحكام، وبالإحكام ذاته تنفست الصعداء لأستعد ثقتي بذاتي، أو ربما طفولتي التي طالما رغبت ألا تذهب دون أن أحياها ولو ليومٍ واحد.
كان مشهد قفصي الصدري المسطح يُعطِني إحساسًا بالراحة، لم أشعر أنني أكبِت وأُكبَتْ، حتى أكتمل النمو، حتى انتهت الإستدارة وحتى لمعت عيناي من الخجل وأنا أطلبها من أمي للمرة الأولى: أريد حمالة صدر.
تلك التي لم تحمل ثدياي وحسب، فقد قيدت أنوثتي إلى أجل غير مسمى.
في أيامي الأولى لم أستطع التنفس حتى أختلس ساعات الليل لأتنفس بحُريّة بعد خلعها، حرصت ألا يراني أحدًا دونها، فينظر إلى هذين الصغيرين يتحركان بمزيج من براءة الطفولة والصبى، يرمقني بنظرة الحاكِم: غير مهذبة، غير حييّة.
تلك الحمالة لم تحمل صدري وأنوثتي قدر ما حملت همومي ولحظات ضعفي، قدر ما تمثَّل بها ذلك الهم الثقيل الذي طالما وددت أن يتركني وشأني، تعلق معها في رقبتي، أحتضنني، أحتواني بداخله، تغلل بي وتغلغلت به!
ذهب معي أينما ذهبت، حاصرني بقوة ضغط وددت لو لم يكن هناك شئ ليُحمَل عليه، كم من ساعاتٍ مضت وأنا أشرح له أن تلك الحمالة هي لشئ جسدي، لمظهر أنثوي جمالي، حتى أستوقفتني حُجتي البلهاء ذات مرة، أي أنوثة تلك التي ترسمها قطعة من قماش ممطوط ليصبح جسدي مثالي!
لئلا يُترك شئ يتحرك فيجذب الإنتباه إليّ، إلى كُرة صغيرة تهتز ، فتهتز معها العقول وتنتصب لها الأعضاء التناسليّة!
لن أتطرق لهذه النقطة لأني لا أريد الإطالة.
هذا الشئ البسيط إن تأملناه لتجسّد به القيد المجتمعي الذي يُفرض قهرًا على الفتاة بسبب طبيعة جسدها، لأنها أنثى، فقط أنثى.
الآن وبعد عامي الحادي عشر أريد أن أخلع هذه "الحمالة"، أرغب في نزع كل قيد مجتمعي تم فرضه عليّ لمجرد أنني بلغتُ السِن.
 لم أعد أريد أن أحمل المزيد، أريد أن أنفِض كلّ الأعباء،
أريد أن أشعر بأنوثتي حُرة، دون قيود، ودون إغتيال لآدميتي، أشعر برغبة في التحرر من شئ كان لي بمثابة الغُل الحديدي.

أرغب والرغبة حُرّة.
غدير أحمد
13/03/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق